الاثنين، ذو الحجة ١٦، ١٤٣١

sharhu khutbatul haajah الرسالة‎ الالفانية‎

أما بعد: فإننا في هذا اللقاء نتكلم عن معاني هذه الخطبة التي ابتدأنا بها حديثنا، التي تسمى: خطبة الحاجة، والتي علمها النبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم، كي يبدءوا بها كلامهم وخطبهم.
«إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره».
الحمد: وصف المحمود بالكمال محبة وتعظيماً وإجلالاً، فإذا وصفت ربك بالكمال، فهذا هو الحمد، لكن لابد أن يكون مصحوباً بالمحبة والتعظيم والإجلال، لأنه إن لم يكن مصحوباً بذلك سمي مدحاً لا حمداً، ومن ثم نجد بعض الشعراء يمدحون بعض الناس مدحاً عظيماً بالغاً، لكن لو فتشت عن قلبه لوجد أنه خال من محبة هذا الشخص، ولكنه يمدحه إما لرجاء منفعة، أو لدفع مضرة.
أما حمدنا لله عز وجل فإنه حمد محبة وتعظيم وإجلال، إذ أن محبة الله تعالى فوق كل محبة، ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق محبة كل مخلوق، ولهذا يجب علينا أن يكون الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب إلينا مما سواهما، يجب علينا أن تكون محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فوق محبة أنفسنا، وأهلنا، ووالدينا، وأولادنا، أما الله تعالى فلما له من الكمال والإفضال، فنعمه علينا لا تحصى، قال الله تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ }. وقال عز وجل: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }. وأما النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلأنه أعظم الناس حقاً علينا، ya fi dukkan mutane hakki a kan mu ‎به هدانا الله، ta hanyar sa Allah Ya shiryar da muوبه أرشدنا، وبه دلنا على كل خير‎ ta hanyar Sa Allah Ya nuna ، به بُين لنا كل شر، به استدللنا على صراط ربنا عز وجل الموصل إلى دار كرامته ورضوانه.
فلهذا من لم يكن قلبه مملوءاً من محبة الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن لم يكن مقدماً لمحبة الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم على من سواهما، فليعلم أن في قلبه مرضاً، وليحرص على أن يعالج هذا المرض. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما»، وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أنس ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين».

إذاً الحمد هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم والإجلال هذا هو الحمد، وإذا كررت هذا الوصف سمي ثناء، وعليه فالثناء تكرار وصف المحمود بالكمال، ويدل على هذا الفرق ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال الله حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجَّدني عبدي».
تصور أن الله عز وجل يناجيك وأنت في صلاتك، يسمعك من فوق سبع سموات ويرد عليك، إذا قلت: الحمد لله رب العالمين. قال الله: حمدني عبدي، وإذا قلت: الرحمن الرحيم. قال: أثنى علي عبدي، وإذا قلت: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي.
والتمجيد: التعظيم.
ونقرأ الفاتحة على أنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها، لكننا لا نشعر بهذه المعاني العظيمة، لا نشعر أننا نناجي الله سبحانه وتعالى.
من يشعر بهذا يجد لذة عظيمة للصلاة، ويجد أن قلبه استنار بها، وأنه خرج منها بقلب غير القلب الذي دخل فيها به.
«الحمد لله نحمده» جملة نحمده: جملة فعلية، والحمد لله جملة اسمية، فجاءت الجملة الفعلية بعد الجملة الإسمية لتأكيد تكرار الحمد، كأننا مستمرون على حمد الله عز وجل.
و«نستعينه» يعني نطلب منه العون على كل شيء من شؤوننا، وكل أمر من أمورنا، وأول ما يدخل في ذلك ما نحن فيه من الصلاة تقول: «إياك نعبد وإياك نستعين» على كل شيء، ومنها أن نستعينك على أداء الصلاة على الوجه الذي يرضيك عنا، وعندما تبدأ بهذه الخطبة، بين يدي الحاجة فإنك تستعين الله تعالى على هذه الخطبة التي ستقولها، وتسأله العون على الحاجة التي افتتحها بهذه الخطبة.
وفي الحديث: عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن». والاستخارة استعانة بالله عز وجل، استعن بالله في كل شيء، إذا أردت أن تقضي حاجتك فاستعن بالله في ذلك، لا تحقرن شيئاً حتى عند الوضوء، عند الخروج إلى المسجد، عند أي عمل، اجعل زادك الاستعانة بالله عز وجل.
و«نستغفره» نسأله المغفرة، والمغفرة هي ستر الذنب مع التجاوز عنه، هذه المغفرة أن يستر الله عن العباد ذنبك، وأن يعفو عنك هذا الذنب.
ومعلوم أن الإنسان له ذنوب بينه وبين الله، ذنوب خفية في القلب، وذنوب خفية في الجوارح، لكن لا يعلم بها الناس، أرأيتم لو أن الله كشفها إذن لكانت محنة عظيمة، ولكن من رحمة الله عز وجل أن سترها عن العباد، فأنت تسأل الله أن يغفر لك، أي أن يستر عليك الذنوب، وأن يتجاوز عنها، فانتبه لهذا المعنى.
أنت عندما تقول: أستغفر الله، تسأل الله شيئين:
الأول: ستر الذنب.
والثاني: التجاوز عنه، بحيث لا يعاقبك الله عليه.
ويدل لهذا ما رواه

ليست هناك تعليقات: